ثم وصف- سبحانه- هذا الريح بصفة أخرى فقال: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها ... أى: هذه الريح التي أرسلها الله- تعالى- عليهم، من صفاتها أنها تدمر وتهلك كل شيء مرت به يتعلق بهؤلاء الظالمين من نفس أو مال أو غيرهما..
والتعبير بقوله: بِأَمْرِ رَبِّها لبيان أنها لم تأتهم من ذاتها، وإنما أتتهم بأمر الله- تعالى- وبقضائه وبمشيئته.
والفاء في قوله: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ فصيحة- أيضا-. أى: هذه الريح أرسلناها عليهم فدمرتهم، فصار الناظر إليهم لا يرى شيئا من آثارهم سوى مساكنهم، لتكون هذه المساكن عبرة لغيرهم.
قال الجمل: وقوله: لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ قرأ حمزة وعاصم لا يُرى بضم الياء على البناء للمفعول، ومساكنهم بالرفع لقيامه مقام الفاعل. والباقون من السبعة بفتح تاء الخطاب، - على البناء للفاعل- ومَساكِنُهُمْ بالنصب على أنه مفعول به...
وقوله: كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ أى: مثل ذلك الجزاء المهلك المدمر، نجازي القوم الذين من دأبهم الإجرام والطغيان.
وهكذا طوى- سبحانه- صفحة أولئك الظالمين من قوم هود- عليه السلام- وما ظلمهم- سبحانه- ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.