ثم بين- سبحانه- ما أعده له من عذاب أليم فقال: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً. والإرهاق:
الإتعاب الشديد، وتحميل الإنسان ما لا يطيقه. يقال: فلان رهقه الأمر يرهقه، إذا حل به بقهر ومشقة لا قدرة له على دفعها. ومنه قوله- تعالى-: وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً.
وقوله- سبحانه-: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ، كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً....
والصعود: العقبة الشديدة، التي لا يصل الصاعد نحوها إلا بمشقة كبيرة، وتعب قد يؤدى إلى الهلاك والتلف. وهذه الكلمة صيغة مبالغة من الفعل صعد.
وهذه الآية الكريمة في مقابل قوله- تعالى- قبل ذلك: وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً أى: أن هذا الجاه الذي أتاه في الدنيا بدون تعب ...سيلقى في الآخرة ما هو نقيضه من تعب وإذلال..
قال صاحب الكشاف: قوله: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً أى: سأغشيه عقبة شاقة المصعد.
وهو مثل لما يلقى من العذاب الشاق الصعد الذي لا يطاق. وعن النبي صلى الله عليه وسلم:
«يكلف أن يصعد عقبة في النار، كلما وضع عليها يده ذابت، فإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله عليها ذابت، فإذا رفعها عادت» . وعنه صلى الله عليه وسلم: «الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوى فيه كذلك أبدا»