قالوا: وقوله: - تعالى- بعد ذلك: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها يشير إلى أن المراد بالنفس في قوله- تعالى-: وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها القوة المدبرة للإنسان، والتي عن طريقها يدرك الأمور إدراكا واضحا. ويختار منها ما يناسب استعداده.
والإلهام: هو التعريف والإفهام للشيء، أو التمكين من فعله أو تركه، والفجور: فعل ما يؤدى إلى الخسران والشقاء. والتقوى: هي الإتيان بالأقوال والأفعال التي ترضى الله- تعالى- وتصون الإنسان من غضبه- عز وجل-.
أى: فعرف- سبحانه- النفس الإنسانية وألهمها وأفهمها معنى الفجور والتقوى، وبين لها حالهما، ووضح لها ما ينبغي أن تفعله وما ينبغي أن تتركه، من خير أو شر، ومن طاعة أو معصية، بحيث يتميز عندها الرشد من الغي، والخبيث من الطيب.
ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ وقوله- عز وجل-: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ. إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً.
وقدم- سبحانه- هنا الفجور على التقوى، مراعاة لأحوال المخاطبين بهذه السورة، وهم كفار قريش، الذين كانت أعمالهم قائمة على الفجور والخسران، بسبب إعراضهم عما جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من حق وبر.