تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الكهف الأية 24


سورة Sura   الكهف   Al-Kahf
وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)
الصفحة Page 296
إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا (24)

قال ابن عطية : وتكلم الناس في هذه الآية في الاستثناء في اليمين ، والآية ليست في الأيمان وإنما هي في سنة الاستثناء في غير اليمين . وقوله : إلا أن يشاء الله في الكلام حذف يقتضيه الظاهر ويحسنه الإيجاز ; تقديره : إلا أن تقول إلا أن يشاء الله ; أو إلا أن تقول إن شاء الله . فالمعنى : إلا أن تذكر مشيئة الله ; فليس إلا أن يشاء الله من القول الذي نهي عنه .

قلت : ما اختاره ابن عطية وارتضاه هو قول الكسائي والفراء والأخفش . وقال البصريون : المعنى إلا بمشيئة الله . فإذا قال الإنسان أنا أفعل هذا إن شاء الله فمعناه بمشيئة الله . قال ابن عطية : وقالت فرقة إلا أن يشاء الله استثناء من قوله ولا تقولن . قال : وهذا قول حكاه الطبري ورد عليه ، وهو من الفساد بحيث كان الواجب ألا يحكى . وقد تقدم القول في الاستثناء في اليمين وحكمه في " المائدة " .

قوله تعالى : واذكر ربك إذا نسيت وفيه الأمر بالذكر بعد النسيان واختلف في الذكر المأمور به ; فقيل : هو قوله وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا قال محمد الكوفي المفسر : إنها بألفاظها مما أمر أن يقولها كل من لم يستثن ، وإنها كفارة لنسيان الاستثناء . وقال الجمهور : هو دعاء مأمور به دون هذا التخصيص . وقيل : هو قوله إن شاء الله الذي كان نسيه عند يمينه . حكي عن ابن عباس أنه إن نسي الاستثناء ثم ذكر ولو بعد سنة لم يحنث إن كان حالفا . وهو قول مجاهد . وحكى إسماعيل بن إسحاق ذلك عن أبي العالية في قوله - تعالى - : واذكر ربك إذا نسيت قال : يستثني إذا ذكره . الحسن : ما دام في مجلس الذكر . ابن عباس : سنتين ; ذكره الغزنوي قال : فيحمل على تدارك التبرك بالاستثناء للتخلص عن الإثم . فأما الاستثناء المفيد حكما فلا يصح إلا متصلا . السدي : أي كل صلاة نسيها إذا ذكرها . وقيل : استثن باسمه لئلا تنسى . وقيل : اذكره متى ما نسيته . وقيل : إذا نسيت شيئا فاذكره يذكركه . وقيل : اذكره إذا نسيت غيره أو نسيت نفسك ; فذلك حقيقة الذكر . وهذه الآية مخاطبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهي استفتاح كلام على الأصح ، وليست من الاستثناء في اليمين بشيء ، وهي بعد تعم جميع أمته ; لأنه حكم يتردد في الناس لكثرة وقوعه . والله الموفق .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022