قوله تعالى : فأردنا أن يبدلهما ربهما قرأ الجمهور بفتح الباء وشد الدال ، وقرأ عاصم بسكون الباء وتخفيف الدال ; أي أن يرزقهما الله ولدا . خيرا منه زكاة أي دينا وصلاحا .
يقال : بدل وأبدل مثل مهل وأمهل ونزل وأنزل .
وأقرب رحما قرأ ابن عباس " رحما " بالضم ، قال الشاعر :
وكيف بظلم جارية ومنها اللين والرحم
الباقون بسكونها ; ومنه قول رؤبة بن العجاج :
يا منزل الرحم على إدريسا ومنزل اللعن على إبليسا
واختلف عن أبي عمرو ، ورحما معطوف على " زكاة " أي رحمة ; يقال : رحمه رحمة ورحما ; وألفه للتأنيث ، ومذكره رحم . وقيل : الرحم هنا بمعنى الرحم ; قرأها ابن عباس " وأوصل رحما " أي رحما ، وقرأ أيضا " أزكى منه " . وعن ابن جبير وابن جريج أنهما بدلا جارية ; قال الكلبي فتزوجها نبي من الأنبياء فولدت له نبيا فهدى الله - تعالى - على يديه أمة من الأمم . قتادة : ولدت اثني عشر نبيا ، وعن ابن جريج أيضا أن أم الغلام يوم قتل كانت حاملا بغلام مسلم وكان المقتول كافرا . وعن ابن عباس : فولدت جارية ولدت نبيا ; وفي رواية : أبدلهما الله به جارية ولدت سبعين نبيا ; وقاله جعفر بن محمد عن أبيه ; قال علماؤنا : وهذا بعيد ولا تعرف كثرة الأنبياء إلا في بني إسرائيل ، وهذه المرأة لم تكن فيهم .
ويستفاد من هذه الآية تهوين المصائب بفقد الأولاد وإن كانوا قطعا من الأكباد ، ومن سلم للقضاء أسفرت عاقبته عن اليد البيضاء . قال قتادة : لقد فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل ، ولو بقي كان فيه هلاكهما . فالواجب على كل امرئ الرضا بقضاء الله - تعالى - ، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه له فيما يحب .