قوله تعالى : قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي نفد الشيء إذا تم وفرغ ; وقد تقدم .
ولو جئنا بمثله مددا أي زيادة على البحر عددا أو وزنا . وفي مصحف أبي " مدادا " وكذلك قرأها مجاهد وابن محيصن وحميد . وانتصب مددا على التمييز أو الحال . وقال ابن عباس : قالت اليهود لما قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وما أوتيتم من العلم إلا قليلا قالوا : وكيف وقد أوتينا التوراة ، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا ؟ فنزلت قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر الآية . وقيل : قالت اليهود إنك أوتيت الحكمة ، ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ، ثم زعمت أنك لا علم لك بالروح ؟ ! فقال الله - تعالى - قل وإن أوتيت القرآن وأوتيتم التوراة فهي بالنسبة إلى كلمات الله - تعالى - قليلة ، قال ابن عباس : كلمات ربي أي مواعظ ربي . وقيل : عنى بالكلمات الكلام القديم الذي لا غاية له ولا منتهى ، وهو وإن كان واحدا فيجوز أن يعبر عنه بلفظ الجمع لما فيه من فوائد الكلمات ، ولأنه ينوب منابها ، فجازت العبارة عنها بصيغة الجمع تفخيما ; وقال الأعشى :
ووجه نقي اللون صاف يزينه مع الجيد لبات لها ومعاصم
فعبر باللبات عن اللبة . وفي التنزيل نحن أولياؤكم و إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لنحن نحيي ونميت وكذلك إن إبراهيم كان أمة لأنه ناب مناب أمة . وقيل : أي ما نفدت العبارات والدلالات التي تدل على مفهومات معاني كلامه - سبحانه وتعالى - . وقال السدي : أي إن كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد صفات الجنة التي هي دار الثواب . وقال عكرمة : لنفد البحر قبل أن ينفد ثواب من قال لا إله إلا الله . ونظير هذه الآية : ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله . وقرأ حمزة والكسائي " قبل أن ينفد " بالياء لتقدم الفعل .