تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الكهف الأية 63


سورة Sura   الكهف   Al-Kahf
فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا (64) فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا (74)
الصفحة Page 301
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)

وفي قوله : وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره أن مع الفعل بتأويل المصدر ، وهو منصوب بدل اشتمال من الضمير في أنسانيه وهو بدل الظاهر من المضمر ، أي وما أنساني ذكره إلا الشيطان ; وفي مصحف عبد الله " وما أنسانيه أن أذكره إلا الشيطان " . وهذا إنما ذكره يوشع في معرض الاعتذار لقول موسى : ( لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت ; فقال : ما كلفت كثيرا ) فاعتذر بذلك القول .

قوله تعالى : واتخذ سبيله في البحر عجبا يحتمل أن يكون من قول يوشع لموسى ; أي اتخذ الحوت سبيله عجبا للناس ويحتمل أن يكون قوله : واتخذ سبيله في البحر تمام الخبر ، ثم استأنف التعجيب فقال من نفسه : عجبا لهذا الأمر . وموضع العجب أن يكون حوت قد مات فأكل شقه الأيسر ثم حيي بعد ذلك .

قال أبو شجاع في كتاب الطبري : رأيته - أتيت به - فإذا هو شق حوت وعين واحدة ، وشق آخر ليس فيه شيء قال ابن عطية : وأنا رأيته والشق الذي ليس فيه شيء عليه قشرة رقيقة ليست تحتها شوكة .

ويحتمل أن يكون قوله : واتخذ سبيله إخبارا من الله - تعالى - ، وذلك على وجهين : إما أن يخبر عن موسى أنه اتخذ سبيل الحوت من البحر عجبا ، أي تعجب منه وإما أن يخبر عن الحوت أنه اتخذ سبيله عجبا للناس . ومن غريب ما روي في البخاري عن ابن عباس من قصص هذه الآية : ( أن الحوت إنما حيي لأنه مسه ماء عين هناك تدعى عين الحياة ، ما مست قط شيئا إلا حيي ) وفي التفسير : إن العلامة كانت أن يحيا الحوت ; فقيل : لما نزل موسى بعد ما أجهده السفر على صخرة إلى جنبها ماء الحياة أصاب الحوت شيء من ذلك الماء فحيي . وقال الترمذي في حديثه قال سفيان : ( يزعم ناس أن تلك الصخرة عندها عين الحياة ، ولا يصيب ماؤها شيئا إلا عاش ، قال : وكان الحوت قد أكل منه فلما قطر عليه الماء عاش ) وذكر صاحب كتاب ( العروس ) : أن موسى - عليه السلام - توضأ من عين الحياة فقطرت من لحيته على الحوت قطرة فحيي ; والله أعلم .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022