قوله تعالى : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا تقدم القول فيه عند قوله تعالى : قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون . قال النحاس : والكوفيون يجيزون : العسل أحلى من الخل . وهذا قول مردود ; لأن معنى : فلان خير من فلان أنه أكثر خيرا منه ، ولا حلاوة في الخل . ولا يجوز أن يقال : النصراني خير من اليهودي ; لأنه لا خير فيهما فيكون أحدهما أزيد في الخير . لكن يقال : اليهودي شر من النصراني ; فعلى هذا كلام العرب . و مستقرا نصب على الظرف إذا قدر على غير باب " أفعل منك " والمعنى لهم خير في مستقر . وإذا كان من باب " أفعل منك " فانتصابه على البيان ، قال النحاس والمهدوي . قال قتادة : وأحسن مقيلا منزلا ومأوى . وقيل : هو على ما تعرفه العرب من مقيل نصف النهار . ومنه الحديث المرفوع إن الله تبارك وتعالى يفرغ من حساب الخلق في مقدار نصف يوم فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ذكره المهدوي . وقال ابن مسعود : لا ينتصف النهار يوم القيامة من نهار الدنيا حتى يقيل هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار ، ثم قرأ : ( ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ) كذا هي في قراءة ابن مسعود . وقال ابن عباس : الحساب من ذلك اليوم في أوله ، فلا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار . ومنه ما روي : قيلوا فإن الشياطين لا تقيل . وذكر قاسم بن أصبغ من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فقلت : ما أطول هذا اليوم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إنه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة المكتوبة يصليها في الدنيا .