تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الفرقان الأية 59


سورة Sura   الفرقان   Al-Furqaan
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا (57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ۚ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ۩ (60) تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا (67)
الصفحة Page 365
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)

قوله تعالى : الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا .

قوله تعالى : الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام تقدم في الأعراف . و ( الذي ) في موضع خفض نعتا للحي . وقال : بينهما ولم يقل بينهن ; لأنه أراد الصنفين والنوعين والشيئين ; كقول القطامي :

ألم يحزنك أن حبال قيس وتغلب قد تباينتا انقطاعا

أراد وحبال تغلب ، فثنى والحبال جمع ; لأنه أراد الشيئين والنوعين . الرحمن فاسأل به خبيرا قال الزجاج : المعنى فاسأل عنه . وقد حكى هذا جماعة من أهل اللغة أن الباء تكون بمعنى ( عن ) كما قال تعالى : سأل سائل بعذاب واقع وقال الشاعر :

هلا سألت الخيل يا ابنة مالك إن كنت جاهلة بما لم تعلمي

وقال علقمة بن عبدة :

فإن تسألوني بالنساء فإنني خبير بأدواء النساء طبيب

أي عن النساء ، وعما لم تعلمي . وأنكره علي بن سليمان وقال : أهل النظر ينكرون أن تكون الباء بمعنى عن ; لأن في هذا إفسادا لمعاني قول العرب : لو لقيت فلانا للقيك به الأسد ; أي للقيك بلقائك إياه الأسد . المعنى فاسأل بسؤالك إياه خبيرا . وكذلك قال ابن جبير : الخبير هو الله تعالى . ف خبيرا نصب على المفعول به بالسؤال .

قلت : قول الزجاج يخرج على وجه حسن ، وهو أن يكون الخبير غير الله ، أي فاسأل عنه خبيرا ، أي عالما به ، أي بصفاته وأسمائه . وقيل : المعنى فاسأل له خبيرا ، فهو نصب على الحال من الهاء المضمرة . قال المهدوي : ولا يحسن حالا إذ لا يخلو أن تكون الحال من السائل أو المسئول ، ولا يصح كونها حالا من الفاعل ; لأن الخبير لا يحتاج أن يسأل غيره . ولا يكون من المفعول لأن المسئول عنه وهو الرحمن خبير أبدا ، والحال في أغلب الأمر يتغير وينتقل ; إلا أن يحمل على أنها حال مؤكدة ; مثل : وهو الحق مصدقا فيجوز . وأما " الرحمن " ففي رفعه ثلاثة أوجه : يكون بدلا من المضمر الذي في " استوى " . ويجوز أن يكون مرفوعا بمعنى : هو الرحمن . ويجوز أن يكون مرفوعا بالابتداء ، وخبره : فاسأل به خبيرا . ويجوز الخفض بمعنى وتوكل على الحي الذي لا يموت الرحمن ; يكون نعتا . ويجوز النصب على المدح .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022