وقوله- سبحانه- أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا ... تهكم بهم، وتوعد لهم بالعذاب الشديد، فهو تأكيد لما قبله.
وأَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ صيغتا تعجب، لفظهما لفظ الأمر، ومعناهما التعجيب، أى حمل المخاطب على التعجيب، وفاعلهما الضمير المجرور بالباء، وهي زائدة فيهما لزوما، والمعنى:
ما أسمع هؤلاء الكافرين وما أبصرهم في ذلك اليوم، لما يخلع قلوبهم، ويسود وجوههم، مع أنهم كانوا في الدنيا صما وعميانا عن الحق الذي جاءتهم به رسلهم.
فالمراد باليوم في قوله لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ هو ما كانوا فيه في الدنيا من ضلال وغفلة عن الحق.
أى: أن هؤلاء القوم ما أعجب حالهم إنهم لا يسمعون ولا يبصرون في الدنيا حين يكون السمع والبصر وسيلة للهدى والنجاة. وهم أسمع ما يكون السمع وأبصر ما يكون البصر، عند ما يكون السمع والبصر وسيلة للخزى والعذاب في الآخرة.