ثم نهاه عن التكبر والغرور والتعالي على الناس فقال: وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ...
والصعر في الأصل: مرض يصيب البعير فيجعله معوج العنق، والمراد به هنا، التكبر واحتقار الناس، ومنه قول الشاعر:
وكنا إذا الجبّار صعر خده ... مشينا إليه بالسيوف نعاتبه
أى: ولا تمل صفحة وجهك عن الناس، ولا تتعالى عليهم كما يفعل المتكبرون والمغرورون، بل كن هينا لينا متواضعا، كما هو شأن العقلاء..
وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أى: ولا تمش في الأرض مشية المختالين المعجبين بأنفسهم. ومَرَحاً مصدر وقع موقع الحال على سبيل المبالغة، أو هو مفعول مطلق لفعل محذوف. أى: تمرح مرحا. والجملة في موضع الحال. أو مفعول لأجله. أى: من أجل المرح.
وقوله: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ تعليل للنهى. والمختال: المتكبر الذي يختال في مشيته، ومنه قولهم: فلان يمشى الخيلاء. أى يمشى مشية المغرور المعجب بنفسه.
والفخور: المتباهى على الناس بماله أو جاهه أو منصبه.. يقال فخر فلان- كمنع- فهو فاخر وفخور، إذا تفاخر بما عنده على الناس، على سبيل التطاول عليهم، والتنقيص من شأنهم.
أى: إن الله- تعالى- لا يحب من كان متكبرا على الناس، متفاخرا بماله أو جاهه.