ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يقرعهم بحجة أخرى لا يستطيعون الرد عليها، فقال: قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ، إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً.
أى: قل- أيها الرسول- لهؤلاء الجاهلين: من هذا الذي يملك أن يدفع ما يريده الله-تعالى- بكم من خير أو شر، ومن نعمة أو نقمة، ومن موت أو حياة.
إن أحدا لا يستطيع أن يمنع قضاء الله عنكم. فالاستفهام للإنكار والنفي.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف جعلت الرحمة قرينة السوء في العصمة، ولا عصمة إلا من السوء؟
قلت: معناه، أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة، فاختصر الكلام وأجرى مجرى قول:
«متقلدا سيفا ورمحا» - أى: «متقلدا سيفا وحاملا رمحا» .
وقوله- تعالى-: وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً معطوف على ما قبله. أى: لا يجدون من يعصمهم مما يريده الله- تعالى- بهم، ولا يجدون من دونه- سبحانه- وليا ينفعهم، أو نصيرا ينصرهم، إذ هو وحده- سبحانه- الناصر والمغيث والمجير.
قال- تعالى-: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.