ثم توعد- سبحانه- الذين يسيئون إلى رسوله صلّى الله عليه وسلّم بأى لون من ألوان الإساءة فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً.
والمراد بأذى الله ورسوله: ارتكاب ما يبغضان ويكرهان من الكفر والفسوق والعصيان،ويشمل ذلك ما قاله اليهود: عزير ابن الله، ويد الله مغلولة، وما قاله النصارى: من أن المسيح ابن الله، كما يشمل ما قاله الكافرون في الرسول صلّى الله عليه وسلّم من أنه كاهن أو ساحر أو شاعر..
وقيل: إن المقصود بالآية هنا: إيذاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم خاصة، وذكر الله- تعالى- معه للتشريف، وللإشارة إلى أن ما يؤذى الرسول يؤذى الله- تعالى-، كما جعلت طاعة الرسول، طاعة لله.
قال ابن كثير: والظاهر أن الآية عامة في كل من آذى الرسول صلّى الله عليه وسلّم بشيء، فإن من آذاه فقد آذى الله، ومن أطاعه فقد أطاع الله، ففي الحديث الشريف: «الله الله في أصحابى، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه».
أى: إن الذين يؤذون الله- تعالى- ورسوله صلّى الله عليه وسلم، بارتكاب مالا يرضياه من كفر أو شرك أو فسوق أو عصيان..
لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ أى: طرد الله- تعالى- هؤلاء الذين ارتكبوا الأذى من رحمته، وأبعدهم من رضاه في الدنيا والآخرة.
وَأَعَدَّ لَهُمْ- سبحانه- في الآخرة عَذاباً مُهِيناً أى: عذابا يهينهم ويجعلهم محل الاحتقار والازدراء من غيرهم.