والمراد بالليلة المباركة: ليلة القدر ...
أى: وحق هذا القرآن الواضح الكلمات، البين الأسلوب، لقد ابتدأنا إنزاله في ليلة كثيرة البركات والخيرات.
فأنت ترى أن الله- تعالى- قد وصف هذه الليلة بأنها مباركة، لزيادة خيرها وفضلها، ولما تتابع فيها من نعم دينية ودنيوية..
ولله- تعالى- أن يفصل بعض الأزمنة على بعض وبعض الأمكنة على بعض وبعض الرسل على بعض.. لا راد لفضله، ولا معقب لحكمه ...
قال الإمام ابن كثير: «يقول الله- تعالى- «مخبرا عن هذا القرآن الكريم: أنه أنزله في ليلة مباركة، وهي ليلة القدر، كما قال- تعالى-: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.. وكان ذلك في شهر رمضان، كما قال- تعالى-: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ..
ومن قال بأنها- أى: الليلة المباركة- ليلة النصف من شعبان- كما روى عن عكرمة- فقد أبعد النّجعة، فإن نص القرآن أنها في رمضان» .
هذا وقد فصل بعضهم أدلة من قال بأن المراد بها ليلة القدر، وأدلة من قال بأن المراد بها ليلة النصف من شعبان .
والحق أن المراد بها ليلة القدر، التي أنزل فيها القرآن من شهر رمضان، كما نصت على ذلك آية سورة البقرة التي تقول: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ....
والأحاديث التي أوردها بعضهم في أن المراد بها ليلة النصف من شعبان، أحاديث مرسلة أو ضعيفة، أو لا أساس لها.. فثبت أن المراد بها ليلة القدر.
وقوله- سبحانه-: إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ استئناف مبين لمقتضى الإنزال..
والإنذار: إخبار فيه تخويف وترهيب، كما أن التبشير إخبار فيه تأمين وترغيب.
أى: أنزلنا هذا القرآن في تلك الليلة المباركة، أو ابتدأنا إنزاله فيها، لأن من شأننا أن نخوف بكتبنا ووحينا، حتى لا يقع الناس في أمر نهيناهم عن الوقوع فيه.