وبعد هذا الأمر المؤكد بالتقوى، جاء النهى عن التشبه بمن خلت قلوبهم من التقوى، فقال- تعالى-: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ....
أى: تمسكوا- أيها المؤمنون- بتقوى الله- تعالى- ومراقبته والبعد عن كل مالا يرضيه. واحذروا أن تكونوا كأولئك الذين تركوا التكاليف التي كلفهم الله- تعالى- بها، فتركهم- سبحانه- إلى أنفسهم، بأن جعلهم ناسين لها، فلم يسعوا إلى ما ينفعها، بل سعوا فيما يضرها ويرديها.
فالمراد بالنسيان هنا: الترك والإهمال، والكلام على حذف مضاف. أى: نسوا حقوق الله- تعالى- وما أوجب عليهم من تكاليف.
والفاء في قوله: فَأَنْساهُمْ للسببية، أى: أن نسيانهم لما يجب عليهم نحو أنفسهم من تهذيب وتأديب.. كان سببه نسيانهم لما يجب عليهم نحو خالقهم من طاعته وخشيته.
ثم بين- سبحانه- سوء مصيرهم فقال: أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ أى: أولئك الذين تركوا ما يجب عليهم نحو خالقهم ونحو أنفسهم، هم الفاسقون عن أمره، الخارجون على شريعته ودينه، الخالدون يوم القيامة في العذاب المهين.