ثم حذر- سبحانه- المؤمنين من نسيان طاعته، وخشيته بأسلوب آخر فقال:
لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ، أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ....
أى: لا يستوي في حكم الله- تعالى- وفي جزائه أَصْحابُ النَّارِ الذين استحقوا الخلود فيها وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ الذين ظفروا برضوانه- تعالى- بسبب إيمانهم وعملهم الصالح..
أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ بالسعادة التي ليس بعدها سعادة، وبالنعيم الذي لا يقاربه نعيم.
وقال- سبحانه-: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ ... بدون بيان مالا يستويان فيه، للإشعار بالبون الشاسع بين الفريقين، في سلوكهم وفي أعمالهم، وفي تفكيرهم، وفي نظرتهم إلى الحياة، وفي العاقبة التي ينتهى إليها كل فريق ...
قال صاحب الكشاف: هذا تنبيه للناس، وإيذان لهم بأنهم لفرط غفلتهم، وقلة فكرهم في العاقبة، وتهالكهم على إيثار العاجلة، واتباع الشهوات: كأنهم لا يعرفون الفرق بين الجنة والنار، والبون العظيم بين أصحابهما، وأن الفوز مع أصحاب الجنة، فمن حقهم أن يعلموا ذلك وينبهوا عليه، كما تقول لمن يعق أباه، هو أبوك، تجعله بمنزلة من لا يعرفه، فتنبهه بذلك على حق الأبوة، الذي يقتضى البر والتعطف.. .
ومن الآيات الكثيرة التي تشبه هذه الآية في معناها، قوله- تعالى-: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ .