ثم نوه- سبحانه- بشأن القرآن الكريم، المشتمل على ألوان من الهدايات والمواعظ، والآداب والأحكام، التي في اتباعها سعادة الناس وفوزهم فقال: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ، لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ....
والمراد بالجبل: حقيقته والكلام على سبيل الفرض والتقدير، واختير الجبل، لأنه أشد الأشياء صلابة، وقلة تأثر بما ينزل به.
أى: لو أنزلنا- على سبل الفرض والتقدير- هذا القرآن العظيم الشأن على جبل من الجبال العالية الشامخة الصلبة وخاطبناه به.. لرأيت- أيها العاقل- هذا الجبل الذي هو مثال في الشدة والغلظة والضخامة وعدم التأثر. لرأيته خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ.
أى: لرأيته متذللا متشققا من شدة خوفه من الله- تعالى- ومن خشيته.
قال الآلوسى: وهذا تمثيل لعلو شأن القرآن، وقوة تأثيره، والغرض- من هذه الآية- توبيخ الإنسان على قسوة قلبه، وقلة تخشعه عند تلاوة القرآن الكريم، وتدبر ما فيه من القوارع، وهو الذي لو أنزل على جبل- وقد ركب فيه العقل- لخشع وتصدع.
ويشير إلى كونه تمثيلا، قوله- تعالى-: وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ .
أى: وتلك الأمثال الباهرة التي اشتمل عليها هذا القرآن العظيم، نضربها ونسوقها للناس، لكي يتفكروا فيها، ويعملوا بما تقتضيه من توجيهات حكيمة ومن مواعظ سديدة، ومن إرشادات نافعة.
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بالثناء على ذاته- تعالى- وببيان بعض أسمائه الحسنى فقال- تعالى-: