ثم بين- سبحانه- ما يهدف إليه هؤلاء الظالمون من وراء افترائهم الكذب على الدين الحق، فقال- تعالى-: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ.
والمراد بنور الله: دين الإسلام الذي ارتضاه- سبحانه- لعباده دينا، وبعث به رسوله صلى الله عليه وسلم وقيل المراد به: حججه الدالة على وحدانيته- تعالى- وقيل المراد به: القرآن..
وهي معان متقاربة.
والمراد بإطفاء نور الله: محاولة طمسه وإبطاله والقضاء عليه، بكل وسيلة يستطيعها أعداؤه، كإثارتهم للشبهات من حول تعاليمه، وكتحريضهم لمن كان على شاكلتهم في الضلال على محاربته.
والمراد بأفواههم: أقوالهم الباطلة الخارجة من تلك الأفواه التي تنطق بما لا وزن له من الكلام.
والمعنى: يريد هؤلاء الكافرون بالحق، أن يقضوا على دين الإسلام، وأن يطمسوا تعاليمه السامية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق أقاويلهم الباطلة الصادرة عن أفواههم، من غير أن يكون لها مصداق من الواقع تنطبق عليه، أو أصل تستند إليه، وإنما هي أقوال من قبيل اللغو الساقط المهمل الذي لا وزن له ولا قيمة.
قال صاحب الكشاف: مثّل حالهم في طلبهم إبطال نبوة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكذيب، بحال من يريد أن ينفخ في نور عظيم منبثق في الآفاق يريد الله أن يزيده ويبلغه الغاية القصوى في الإشراق أو الإضاءة، ليطفئه بنفخه ويطمسه .
والجملة الكريمة فيها ما فيها من التهكم والاستهزاء بهؤلاء الكافرين، حيث شبههم- سبحانه- في جهالاتهم وغفلتهم، بحال من يريد إطفاء نور الشمس الوهاج، بنفخة من فمه الذي لا يستطيع إطفاء ما هو دون ذلك بما لا يحصى من المرات.
وقوله- تعالى-: وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ بشارة للمؤمنين بأن ما هم عليه من حق، لا بد أن يعم الآفاق.
أى: والله- تعالى- بقدرته التي لا يعجزها شيء، متم نوره، ومظهر دينه ومؤيد نبيه صلى الله عليه وسلم ولو كره الكافرون ذلك فإن كراهيتهم لظهور دين الله- تعالى- لا أثر لها ولا قيمة. فالآية الكريمة وعد من الله- تعالى- للمؤمنين، بإظهار دينهم، وإعلاء كلمتهم، لكي يزيدهم ذلك ثباتا على ثباتهم، وقوة على قوتهم.