وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً أى: وجعل- سبحانه- بقدرته القمر في السماء الدنيا نورا للأرض ومن فيها.
وإنما قال فِيهِنَّ مع أنه في السماء الدنيا، لأنها محاطة بسائر السموات فما فيها يكون كأنه في الكل. أو لأن كل واحدة منها شفافة، فيرى الكل كأنه سماء واحدة. فساغ أن يقال فيهن.
وقوله: وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً أى: كالسراج في إضاءتها وتوهجها وإزالة ظلمة الليل، إذ السراج هو المصباح الزاهر نوره، الذي يضيء ما حوله.
قال الآلوسى: قوله وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً أى: منورا لوجه الأرض في ظلمة الليل، وجعله فيهن مع أنه في إحداهن- وهي السماء الدنيا-، كما يقال: زيد في بغداد وهو في بقعة منها. والمرجح له الإيجاز والملابسة بالكلية والجزئية، وكونها طباقا شفافة.
وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً يزيل الظلمة.. وتنوينه للتعظيم، وفي الكلام تشبيه بليغ، ولكون السراج أعرف وأقرب، جعل مشبها به، ولاعتبار التعدي إلى الغير في مفهومه بخلاف النور، كان أبلغ منه. .
وقال بعض العلماء: وفي جعل القمر نورا، إيماء إلى أن ضوء القمر ليس من ذاته. فإن القمر مظلم. وإنما يستضيء بانعكاس أشعة الشمس على ما يستقبلها من وجهه، بحسب اختلاف ذلك الاستقبال من تبعض وتمام، هو أثر ظهوره هلالا.. ثم بدرا.
وبعكس ذلك جعلت الشمس سراجا، لأنها ملتهبة، وأنوارها ذاتية فيها، صادرة عنها إلى الأرض وإلى القمر، مثل أنوار السراج تملأ البيت.. .