وهكذا نرى أن نوحا- عليه السلام- قد سلك مع قومه مسالك متعددة لإقناعهم بصحة ما يدعوهم إليه، ولحملهم على طاعته، والإيمان بصدق رسالته.
لقد دعاهم بالليل والنهار، وفي السر وفي العلانية، وبين لهم أن طاعتهم لله- تعالى- تؤدى إلى إمدادهم بالأموال والأولاد، والجنات والأنهار ووبخهم على عدم خشيتهم من الله- تعالى- وذكرهم بأطوار خلقهم، ولفت أنظارهم إلى بديع صنعه- سبحانه- في خلق السموات والشمس والقمر، ونبههم إلى نشأتهم من الأرض، وعودتهم إليها، وإخراجهم منها للحساب والجزاء، وأرشدهم إلى نعم الله- تعالى- في جعل الأرض مبسوطة لهم.
وهكذا حاول نوح- عليه السلام- أن يصل إلى آذان قومه وإلى عقولهم وقلوبهم، بشتى الأساليب الحكيمة، والتوجيهات القويمة، في صبر طويل وإرشاد دائم.
ولكن قومه كانوا قد بلغوا الغاية في الغباء والجهالة والعناد والطغيان، لذا نرى السورة الكريمة تحكى عن نوح- عليه السلام- ضراعته إلى ربه، والتماسه منه- تعالى- استئصال شأفتهم، وقطع دابرهم، لنستمع في تدبر إلى قوله- تعالى-.