ثم انتقل نوح- عليه السلام- من تنبيههم إلى ما في خلق السموات والشمس والقمر من دلالة على وحدانية الله وقدرته.. إلى لفت أنظارهم إلى التأمل في خلق أنفسهم، وفي مبدئهم وإعادتهم إلى الحياة مرة أخرى بعد موتهم، فقال- كما حكى القرآن عنه-: وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً. ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها، وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً.
والمراد بأنبتكم: أنشأكم وأوجدكم، فاستعير الإنبات للإنشاء للمشابهة بين إنبات النبات، وإنشاء الإنسان، من حيث إن كليهما تكوين وإيجاد للشيء بقدرته- تعالى-.
والمراد بأنبتكم: أنبت أصلكم وهو أبوكم آدم، فأنتم فروع عنه. ونَباتاً مصدر لأنبت على حذف الزوائد، فهو مفعول مطلق لأنبتكم، جيء به للتوكيد، ومصدره القياسي «إنباتا» ، واختير «نباتا» لأنه أخف.
قال الجمل: قوله: نباتا، يجوز أن يكون مصدرا لأنبت على حذف الزوائد. ويسمى اسم مصدر، ويجوز أن يكون مصدرا لنبتم مقدرا. أى: فنبتّم نباتا- فيكون منصوبا بالمطاوع المقدر. .