ثم زجر- سبحانه- الذين يكذبون بيوم الدين، ويؤثرون العاجلة على الآجلة، زجرهم بلون آخر من ألوان الردع والزجر، حيث ذكرهم بأحوالهم الأليمة عند ما يودعون هذه الدنيا فقال: كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَقِيلَ مَنْ راقٍ. وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ.
والضمير في بَلَغَتِ يعود إلى الروح المعلومة من المقام. كما في قوله- تعالى- فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ.. ومنه قول الشاعر:
أماوى ما يغنى الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
والتراقي: جمع ترقوة، وهي العظام المحيطة بأعالى الصدر عن يمينه، وعن شماله، وهي موضع الحشرجة، وجواب الشرط محذوف.
أى: حتى إذا بلغت روح الإنسان التراقي، وأوشكت أن تفارق صاحبها.. وجد كل إنسان ثمار عمله الذي عمله في دنياه، وانكشفت له حقيقة عاقبته.
والمقصود من الآية الكريمة وما بعدها: الزجر عن إيثار العاجلة على الآجلة.
فكأنه- تعالى- يقول: احذروا- أيها الناس- ذلك قبل أن يفاجئكم الموت، وقبل أن تبلغ أرواحكم نهايتها، وتنقطع عند ذلك آمالكم.