ثم إن علينا بعد ذلك بيان ما خفى عليك منه، وتوضيح ما أشكل عليك من معانيه.
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه هذا تعليم من الله- تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم في كيفية تلقيه الوحى من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته.
روى الشيخان وغيرهما عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، فكان يحرك شفتيه- يريد أن يحفظه مخافة أن يتفلت منه شيء، أو من شدة رغبته في حفظه- فأنزل الله- تعالى- هذه الآيات.
فأنت ترى أن الله- تعالى- قد ضمن لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يجمع له القرآن في صدره وأن يجريه على لسانه، بدون أى تحريف أو تبديل، وأن يوضح له ما خفى عليه منه.
قالوا: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ما نزل عليه الوحى بعد ذلك بالقرآن، أطرق وأنصت، وشبيه بهذه الآيات قوله- سبحانه-: فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ، وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ، وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً.
ثم عادت السورة الكريمة مرة أخرى إلى الحديث عن يوم القيامة، وعن أحوال الناس فيه، وعن حالة الإنسان في وقت الاحتضار، وعن مظاهر قدرته- تعالى- وعن حكمته في البعث والحساب والجزاء، فقال- سبحانه-: