ثم وصفهم- سبحانه- بصفات أخرى فقال: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً.
أى: أن هؤلاء الأبرار من صفاتهم- أيضا أنهم يطعمون الطعام مع حب هذا الطعام لديهم، ومع حاجتهم إليه واشتهائهم له.
ومع كل ذلك فهم يقدمونه للمسكين، وهو المحتاج إلى غيره لفقره وسكونه عن الحركة..
ولليتيم: وهو من فقد أباه وهو صغير، وللأسير: وهو من أصبح أمره بيد غيره. وخص الإطعام بالذكر: لما في تقديمه من كرم وسخاء وإيثار، لا سيما مع الحاجة إليه، كما يشعر به قوله- تعالى- عَلى حُبِّهِ أى: على حبهم لذلك الطعام، وقيل الضمير في قوله عَلى حُبِّهِ يعود إلى الله- عز وجل- أى: يطعمون الطعام على حبهم له- تعالى-.
والأول أولى. ويؤيده قوله- تعالى- لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ.
و «على» هنا بمعنى مع، والجملة في محل نصب على الحال. أى: حالة كونهم كائنين على حب هذا الطعام.
وخص هؤلاء الثلاثة بالذكر، لأنهم أولى الناس بالرعاية والمساعدة.
وقد ذكروا في سبيل نزول هذه الآية، والآيتين اللتين يعدها، روايات منها، أنها نزلت في الإمام على وزوجه فاطمة- رضى الله عنهما-.
قال القرطبي- بعد أن ذكر هذه الروايات-: والصحيح أنها نزلت في جميع الأبرار، وفي كل من فعل فعلا حسنا، فهي عامة...