قوله تعالى : ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا قوله تعالى : ولقد صرفنا أي بينا . وقيل كررنا . والتصريف : صرف الشيء من جهة إلى جهة . والمراد بهذا التصريف البيان والتكرير . وقيل : المغايرة ; أي غايرنا بين المواعظ ليذكروا ويعتبروا ويتعظوا . وقراءة العامة صرفنا بالتشديد على التكثير حيث وقع . وقرأ الحسن بالتخفيف . قال الثعلبي : سمعت أبا القاسم الحسين يقول بحضرة الإمام الشيخ أبي الطيب : لقوله - تعالى - : " صرفنا " معنيان ; أحدهما لم يجعله نوعا واحدا بل وعدا ووعيدا ومحكما ومتشابها ونهيا وأمرا وناسخا ومنسوخا وأخبارا وأمثالا ; مثل تصريف الرياح من صبا ودبور وجنوب وشمال ، وتصريف الأفعال من الماضي والمستقبل والأمر والنهي والفعل والفاعل والمفعول ونحوها . والثاني أنه لم ينزل مرة واحدة بل نجوما ; نحو قوله وقرآنا فرقناه ومعناه : أكثرنا صرف جبريل - عليه السلام - إليك .
في هذا القرآن قيل في زائدة ، والتقدير : ولقد صرفنا هذا القرآن ; مثل وأصلح لي في ذريتي أي أصلح ذريتي . وقوله في هذا القرآن يعني الأمثال والعبر والحكم والمواعظ والأحكام والإعلام .
ليذكروا قراءة يحيى والأعمش وحمزة والكسائي " ليذكروا " مخففا ، وكذلك في الفرقان ولقد صرفناه بينهم ليذكروا . الباقون بالتشديد . واختاره أبو عبيد ; لأن معناه ليتذكروا وليتعظوا . قال المهدوي : من شدد ليذكروا أراد التدبر . وكذلك من قرأ ليذكروا . ونظير الأول ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون والثاني : واذكروا ما فيه
وما يزيدهم أي التصريف والتذكير .
إلا نفورا أي تباعدا عن الحق وغفلة عن النظر والاعتبار ; وذلك لأنهم اعتقدوا في القرآن أنه حيلة وسحر وكهانة وشعر .