قوله تعالى : وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا قيل : المعنى أمتني إماتة صدق ، وابعثني يوم القيامة مبعث صدق ; ليتصل بقوله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا . كأنه لما وعده ذلك أمره أن يدعو لينجز له الوعد . وقيل : أدخلني في المأمور وأخرجني من المنهي . وقيل : علمه ما يدعو به في صلاته وغيرها من إخراجه من بين المشركين وإدخاله موضع الأمن ; فأخرجه من مكة وصيره إلى المدينة . وهذا المعنى رواه الترمذي عن ابن عباس قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة ثم أمر بالهجرة فنزلت وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا قال : هذا حديث حسن صحيح . وقال الضحاك : هو خروجه من مكة ودخوله مكة يوم الفتح آمنا . أبو سهل : حين رجع من تبوك وقد قال المنافقون : ليخرجن الأعز منها الأذل يعني إدخال عز وإخراج نصر إلى مكة . وقيل : المعنى أدخلني في الأمر الذي أكرمتني به من النبوة مدخل صدق وأخرجني منه مخرج صدق إذا أمتني ; قال معناه مجاهد . والمدخل والمخرج ( بضم الميم ) بمعنى الإدخال والإخراج ; كقوله : أنزلني منزلا مباركا أي إنزالا لا أرى فيه ما أكره . وهي قراءة العامة . وقرأ الحسن وأبو العالية ونصر بن عاصم مدخل ومخرج . بفتح الميمين بمعنى الدخول والخروج ; فالأول رباعي وهذا ثلاثي . وقال ابن عباس : أدخلني القبر مدخل صدق عند الموت وأخرجني مخرج صدق عند البعث . وقيل : أدخلني حيثما أدخلتني بالصدق وأخرجني بالصدق ; أي لا تجعلني ممن يدخل بوجه ويخرج بوجه ; فإن ذا الوجهين لا يكون وجيها عندك . وقيل : الآية عامة في كل ما يتناول من الأمور ويحاول من الأسفار والأعمال ، وينتظر من تصرف المقادير في الموت والحياة . فهي دعاء ، ومعناه : رب أصلح لي وردي في كل الأمور وصدري .
واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا قال الشعبي وعكرمة : أي حجة ثابتة . وذهب الحسن إلى أنه العز والنصر وإظهار دينه على الدين كله . قال : فوعده الله لينزعن ملك فارس والروم وغيرها فيجعله له .