قوله تعالى : ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا قوله تعالى : ومن كان في هذه أعمى أي في الدنيا عن الاعتبار وإبصار الحق .
فهو في الآخرة أي في أمر الآخرة
أعمى وقال عكرمة : جاء نفر من أهل اليمن إلى ابن عباس فسألوه عن هذه الآية فقال : اقرءوا ما قبلها ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر - إلى - " تفضيلا " . قال ابن عباس : من كان في هذه النعم والآيات التي رأى أعمى فهو عن الآخرة التي لم يعاين أعمى وأضل سبيلا . وقيل : المعنى من عمي عن النعم التي أنعم الله بها عليه في الدنيا فهو عن نعم الآخرة أعمى . وقيل : المعنى من كان في الدنيا التي أمهل فيها وفسح له ووعد بقبول التوبة أعمى فهو في الآخرة التي لا توبة فيها أعمى . وقال الحسن : من كان في هذه الدنيا كافرا ضالا فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا وقيل : ومن كان في الدنيا أعمى عن حجج الله بعثه الله يوم القيامة أعمى ; كما قال : ونحشره يوم القيامة أعمى الآيات . وقال : ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم . وقيل : المعنى في قوله فهو في الآخرة أعمى في جميع الأقوال : أشد عمى ; لأنه من عمى القلب ، ولا يقال مثله في عمى العين . قال الخليل وسيبويه : لأنه خلقة بمنزلة اليد والرجل ، فلم يقل ما أعماه كما لا يقال ما أيداه . الأخفش : لم يقل فيه ذلك لأنه على أكثر من ثلاثة أحرف ، وأصله أعمى . وقد أجاز بعض النحويين ما أعماه وما أعشاه ; لأن فعله عمي وعشى . وقال الفراء : حدثني بالشام شيخ بصري أنه سمع العرب تقول : ما أسود شعره . قال الشاعر :
ما في المعالي لكم ظل ولا ثمر وفي المخازي لكم أشباح أشياخ أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم
لؤما وأبيضهم سربال طباخ
وأمال أبو بكر وحمزة والكسائي وخلف الحرفين أعمى وأعمى وفتح الباقون . وأمال أبو عمرو الأول وفتح الثاني .
وأضل سبيلا يعني أنه لا يجد طريقا إلى الهداية .