تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الأنبياء الأية 57


سورة Sura   الأنبياء   Al-Anbiyaa
قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ ۚ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ (45) وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46) وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ (47) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49) وَهَٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ ۚ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (50) ۞ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57)
الصفحة Page 326
وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57)

قوله تعالى : وتالله لأكيدن أصنامكم أخبر أنه لم يكتف بالمحاجة باللسان بل كسر أصنامهم فعل واثق بالله تعالى ، موطن نفسه على مقاساة المكروه في الذب عن الدين . والتاء في تالله تختص في القسم باسم الله وحده ، والواو تختص بكل مظهر ، والباء بكل مضمر ومظهر . قال الشاعر : [ هو مالك بن خالد الخناعي الهذلي ] :

تالله يبقى على الأيام ذو حيد بمشمخر به الظيان والآس

وقال ابن عباس : أي وحرمة الله لأكيدن أصنامكم ، أي لأمكرن بها . والكيد المكر . كاده يكيده كيدا ومكيدة ، وكذلك المكايدة ؛ وربما سمي الحرب كيدا ؛ يقال : غزا فلان فلم يلق كيدا ، وكل شيء تعالجه فأنت تكيده . بعد أن تولوا مدبرين أي منطلقين ذاهبين . وكان لهم في كل سنة عيد يجتمعون فيه ، فقالوا لإبراهيم : لو خرجت معنا إلى عيدنا أعجبك ديننا - روي ذلك عن ابن مسعود على ما يأتي بيانه في ( والصافات ) - فقال إبراهيم في نفسه : وتالله لأكيدن أصنامكم . قال مجاهد وقتادة : إنما قال ذلك إبراهيم في سر من قومه ، ولم يسمعه إلا رجل . واحد وهو الذي أفشاه عليه والواحد يخبر عنه بخبر الجمع إذا كان ما أخبر به مما يرضى به غيره ومثله يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . وقيل : إنما قاله بعد خروج القوم ، ولم يبق منهم إلا الضعفاء فهم الذين سمعوه . وكان إبراهيم احتال في التخلف عنهم بقوله : إني سقيم أي ضعيف عن الحركة .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022