تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  التوبة الأية 42


سورة Sura   التوبة   At-Tawba
انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ۚ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42) عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) ۞ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)
الصفحة Page 194
لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ۚ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42)

قوله تعالى لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أظهر الله نفاق قوم . والعرض : ما يعرض من منافع الدنيا . والمعنى : غنيمة قريبة . أخبر عنهم أنهم لو دعوا إلى غنيمة لاتبعوه . عرضا خبر كان . قريبا نعته . وسفرا قاصدا عطف عليه . وحذف اسم كان لدلالة الكلام عليه . التقدير : لو كان المدعو إليه عرضا قريبا وسفرا قاصدا - أي سهلا معلوم الطرق - لاتبعوك . وهذه الكناية للمنافقين كما ذكرنا ؛ لأنهم داخلون في جملة من خوطب بالنفير . وهذا موجود في كلام العرب يذكرون الجملة ثم يأتون بالإضمار عائدا على بعضها ، كما قيل في قوله تعالى : وإن منكم إلا واردها أنها القيامة . ثم قال جل وعز : ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا يعني جل وعز جهنم . ونظير هذه الآية من السنة في المعنى قوله عليه السلام : لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء . يقول : لو علم أحدهم أنه يجد شيئا حاضرا معجلا يأخذه لأتى المسجد من أجله .

ولكن بعدت عليهم الشقة حكى أبو عبيدة وغيره أن الشقة السفر إلى أرض بعيدة . يقال : منه شقة شاقة . والمراد بذلك كله غزوة تبوك . وحكى الكسائي أنه يقال : شقة وشقة . قال الجوهري : الشقة بالضم من الثياب ، والشقة أيضا السفر البعيد وربما قالوه بالكسر . والشقة شظية تشظى من لوح أو خشبة . يقال للغضبان : احتد فطارت منه شقة ، بالكسر .

وسيحلفون بالله لو استطعنا أي لو كان لنا سعة في الظهر والمال . لخرجنا معكم نظيره ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا فسرها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " زاد وراحلة " وقد تقدم .

يهلكون أنفسهم أي بالكذب والنفاق .

والله يعلم إنهم لكاذبون في الاعتلال .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022