روى أبو داود عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه . قالوا : يا رسول الله ، وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة . ؟ قال : حبسهم العذر . خرجه مسلم من حديث جابر قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال : إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم المرض . فأعطى صلى الله عليه وسلم للمعذور من الأجر مثل ما أعطى للقوي العامل . وقد قال بعض الناس : إنما يكون الأجر للمعذور غير مضاعف ، ويضاعف للعامل المباشر . قال ابن العربي : وهذا تحكم على الله تعالى وتضييق لسعة رحمته ، وقد عاب بعض الناس فقال : إنهم يعطون الثواب مضاعفا قطعا ، ونحن لا نقطع بالتضعيف في موضع فإنه مبني على مقدار النيات ، وهذا أمر مغيب ، والذي يقطع به أن هناك تضعيفا وربك أعلم بمن يستحقه .
قلت : الظاهر من الأحاديث والآي المساواة في الأجر ; منها قوله عليه السلام : من دل على خير فله مثل أجر فاعله وقوله : من توضأ وخرج إلى الصلاة فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها . وهو ظاهر قوله تعالى : ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وبدليل أن النية الصادقة هي أصل الأعمال ، فإذا صحت في فعل طاعة فعجز عنها صاحبها لمانع منع منها فلا بعد في مساواة أجر ذلك العاجز لأجر القادر الفاعل ويزيد عليه ; لقوله عليه السلام : نية المؤمن خير من عمله . والله أعلم .