ثم ختم- سبحانه- تلك التكاليف التي يغلب عليها طابع النهى عن الرذائل بقوله:
كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً.
واسم الإشارة ذلِكَ يعود إلى ما تقدم ذكره من التكاليف والأوامر والنواهي. التي لا يتطرق إليها النسخ، والتي تبلغ خمسة وعشرين تكليفا، تبدأ بقوله- تعالى-:
لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ ثم يأتى بعد ذلك النهى عن عقوق الوالدين، والأمر بصلة الأرحام، وبالعطف على المسكين وابن السبيل، ثم النهى عن البخل، والإسراف، وقتل الأولاد، والاقتراب من الزنا، وقتل النفس إلا بالحق، والاعتداء على مال اليتيم.. إلخ.
والضمير في سَيِّئُهُ يعود إلى ما نهى الله عنه من أفعال، كالشرك، وعقوق الوالدين، والزنا. أى: كل ذلك الذي بيناه لك فيما سبق، كان الفعل السيئ منه، عند ربك مكروها، أى: مبغوضا عنده- سبحانه- وأما الفعل الحسن كالوفاء بالعهد، وإعطاء ذي القربى حقه، فهو محمود عند ربك- عز وجل-.
قال الآلوسى: ووصف ذلك بمطلق الكراهة مع أن أكثره من الكبائر- كالشرك والزنا ... - للإيذان بأن مجرد الكراهة عنده- تعالى- كافية في وجوب الكف عن ذلك.
وتوجيه الإشارة إلى الكل، ثم تعيين البعض دون توجيهها إليه ابتداء، لما قيل: من أن البعض المذكور ليس بمذكور جملة، بل على وجه الاختلاط لنكتة اقتضته، وفيه إشعار بكون ما عداه مرضيا عنده- سبحانه-.
وإنما لم يصرح بذلك، إيذانا بالغنى عنه، أو اهتماما بشأن التنفير من النواهي.. .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ بالتاء والتنوين.
وعلى هذه القراءة يكون اسم الإشارة، يعود إلى المنهيات السابقة فقط، ويكون المعنى:
كل ذلك الذي نهيناك عنه في الآيات السابقة، من الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، واتباع ما ليس لك به علم.. كان اقترافه سيئة من السيئات المبغوضة عند ربك، المحرمة في شرعه، المعاقب مرتكبها.