وقوله- سبحانه-: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ... تذكير لبنى آدم بما جرى بين أبيهم وبين إبليس، ليعتبروا ويتعظوا، ويستمروا على عداوتهم لإبليس وجنده.
أى: واذكروا- يا بنى آدم- وقت أن قلنا للملائكة اسْجُدُوا لِآدَمَ سجود تحية وتكريم، فسجدوا امتثالا لأمر الله- تعالى-، بدون تردد أو تلعثم، إِلَّا إِبْلِيسَ فإنه أبى السجود لآدم- عليه السلام- وقالَ بتكبر وعصيان لأمر ربه- عز وجل-:
أَأَسْجُدُ وأنا المخلوق من نار لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً أى: أأسجد لمن خلقته من طين، مع أننى أفضل منه.
والتعبير بقوله فَسَجَدُوا بفاء التعقيب، يفيد أن سجودهم- عليهم السلام- كان في أعقاب أمر الله- تعالى- لهم مباشرة، بدون تأخير أو تسويف.
وقوله- تعالى-: قالَ أَأَسْجُدُ ... استئناف بيانى، فكأنه قيل: فماذا كان موقف إبليس من هذا الأمر؟ فكان الجواب أن إبليس فسق عن أمر ربه وقال ما قال.
والاستفهام في أَأَسْجُدُ للإنكار والتعجب، لأن يرى- لعنه الله- أنه أفضل من آدم.
وقوله: طِيناً منصوب بنزع الخافض أى: من طين.
وقد جاء التصريح بإباء إبليس عن السجود لآدم، بأساليب متنوعة، وفي آيات متعددة، منها قوله- تعالى-: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ، فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ .
وقوله- تعالى-: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ .