والأمر في قوله- سبحانه-: كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ للإباحة.
أى: هذه الأرض وما اشتملت عليه من طرق ومن نبات شتى هي لمنفعتكم ومصلحتكم، فكلوا- أيها الناس- من هذه الثمار المتنوعة التي انشقت عنها الأرض، وارعوا أنعامكم من إبل وبقر وغنم في المكان الصالح للرعي من هذه الأرض، واشكروا الله- تعالى- على هذه النعم لكي يزيدكم منها.
واسم الإشارة في قوله إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى يعود إلى المذكور من تلك النعم السابقة.
والنُّهى جمع نهية- بضم النون وإسكان الهاء- وهي العقل. سمى بذلك لأنه ينهى صاحبه عما لا يليق. تقول العرب: نهو الرجل- ككرم- إذا كملت نهيته، أى عقله.
والمعنى: إن في ذلك الذي ذكرناه لكم من نعمة تمهيد الأرض، وجعل الطرق فيها: وإنزال المطر عليها، وإخراج النبات منها.. إن في كل ذلك لآيات وعظات وعبر، لأصحاب العقول السليمة، والأفكار القويمة.