ثم بين- سبحانه- أن هذه الأرض منها خلق الإنسان، وإليها يعود، ومنها يبعث للحساب يوم القيامة، فقال- تعالى-: مِنْها خَلَقْناكُمْ، وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى.
والضمير في «منها، وفيها» يعود إلى الأرض المذكورة قبل ذلك في قوله- تعالى-:
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً.. والتارة: بمعنى المرة.
أى: من هذه الأرض خلقنا أباكم آدم، وأنتم تبع له، وفرع عنه، كما قال- تعالى-:
إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ، خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
وقوله: وَفِيها نُعِيدُكُمْ أى: وفي الأرض نعيدكم عند موتكم، حيث تكون محل دفنكم واستقرار أجسادكم.
وقوله: وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى أى: ومن الأرض نخرجكم مرة أخرى أحياء يوم القيامة، للحساب والجزاء.
قال- تعالى-: فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ.
وقال- سبحانه-: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا، هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ .
قال ابن كثير: وهذه الآية كقوله- تعالى-: قالَ فِيها تَحْيَوْنَ، وَفِيها تَمُوتُونَ، وَمِنْها تُخْرَجُونَ .
وفي الحديث الذي في السنن أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حضر جنازة فلما دفن الميت أخذ قبضة من التراب فألقاها في القبر ثم قال: «منها خلقناكم» ثم أخذ أخرى وقال: «وفيها نعيدكم» ثم أخرى وقال: «ومنها نخرجكم تارة أخرى» .