وقوله- سبحانه- وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ أى: قالوا آمنا بأن يوم القيامة حق، والحال أنهم قد كفروا به من قبل في الدنيا، عند ما دعاهم إلى الإيمان به رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وقوله- تعالى-: وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ بيان لما كانوا عليه في الدنيا من سفاهة في القول، وجرأة في النطق بالباطل، وفيما لا علم لهم به.
والعرب تقول لكل من تكلم فيما لا يعلمه: هو يقذف ويرجم بالغيب، والجملة الكريمة معطوفة على قوله: وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ.
أى: لقد كفروا بهذا الدين في الدنيا، وكانوا ينطقون بأقوال لا علم لهم بها، وبينها وبين الحق والصدق مسافات بعيدة. فقد نسبوا إلى الله- تعالى- الولد والشريك، ويقولون في الرسول صلّى الله عليه وسلّم إنه ساحر ... ، وفي شأن البعث: إنه لا حقيقة له، وفي شأن القرآن: إنه أساطير الأولين.
فالمقصود بالآية تقريعهم وتجهيلهم، على ما كانوا يتفوهون به من كلام ساقط، بينه وبين الحقيقة مسافات بعيدة.