ثم ختم حديثه معهم بإعلان إيمانه بكل صراحة وقوة فقال: إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ، الذي خلقكم ورزقكم فَاسْمَعُونِ أى: فاسمعوا ما نطقت به، واشهدوا لي بأنى آمنت بربكم الذي خلقكم وخلقني، وكفرت بهؤلاء الشركاء، ولن أشرك معه- سبحانه- في العبادة أحدا. مهما كانت النتائج.
وهكذا نرى الرجل الصالح الذي استقر الإيمان في قلبه ومشاعره ووجدانه يدافع عن الحق الذي آمن به دفاعا قويا دون أن يخشى أحدا إلا الله، ويدعو قومه بشتى الأساليب إلى اتباعه ويقيم لهم ألوانا من الأدلة على صحة ما يدعو إليه.
ثم يصارحهم في النهاية، ويشهدهم على هذه المصارحة، بأنه قد آمن بما جاء به الرسل إيمانا لا يقبل الشك أو التردد، ولا يثنيه عنه وعد أو وعيد أو إيذاء أو قتل.
ورحم الله صاحب الكشاف، فقد أجاد في تصوير هذه المعاني فقال ما ملخصه: قوله:
اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ كلمة جامعة في الاستجابة لدعوة الرسل، أى: لا تخسرون معهم شيئا من دنياكم، وتربحون صحة دينكم، فينتظم لكم خير الدنيا وخير الآخرة.
ثم أبرز الكلام في معرض المناصحة لنفسه، وهو يريد مناصحتهم، وليتلطف بهم ويداريهم.. فقال: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
ثم قال: إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ يريد فاسمعوا قولي وأطيعونى، فقد نهيتكم على الصحيح الذي لا معدل عنه، أن العبادة لا تصح إلا لمن منه مبتدؤكم وإليه مرجعكم.. .