ثم حكى- تعالى- سنته التي لا تتخلف فقال: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ.
والحرث في الأصل: مصدر بمعنى إلقاء البذور في الأرض، لتنبت ما ينفع الناس من زرع.
والمراد به ثمرات الأعمال ونتائجها، تشبيها لها بثمرات البذور.
والمعنى: من كان يريد من الناس بأعماله ثواب الآخرة، ورضا الله- تعالى- ضاعف الله- عز وجل- له الأجر والثواب والعطاء.
وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا أى: ومن كان يريد بعمله شهوات الدنيا نؤته منها،ما قدرناه له من حطامها وزخارفها.
وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ أى: وليس له في الآخرة نصيب من خيراتها الباقية، ونعيمها الدائم.
وشبيه بهذه الآية الكريمة قوله- تعالى-: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً. وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً. كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ، وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً .
ثم انتقلت السورة الكريمة إلى توبيخ المشركين على إصرارهم على كفرهم، وقارنت بين مصيرهم السيئ، وبين المصير الطيب الذي وعد الله به المؤمنين.. فقال- تعالى-: