وقوله- تعالى- وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً، وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ بيان لكمال قدرته- عز وجل-.
أى: ولو شاء الله- تعالى- أن يجعل الناس أمة واحدة على الدين الحق لجعلهم كذلك، لأن قدرته لا يعجزها شيء، ولكنه- سبحانه- لم يشأ ذلك ليتميز الخبيث من الطيب، والمهتدى من الضال.
أما المهتدون فهم أهل رحمته ورضوانه، وأما الضالون فهم أهل عذابه وغضبه فقوله- تعالى- وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ بيان لمن عرفوا الدين الحق واتبعوه وقوله- سبحانه-: وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ بيان لمن استحبوا العمى على الهدى.
قال الآلوسى ما ملخصه: وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ أى: أنه- تعالى- يدخل في رحمته من يشاء أن يدخله فيها، ويدخل في عذابه من يشاء أن يدخله فيه، ولا ريب في أن مشيئته- تعالى- لكل من الإدخالين، تابعة لاستحقاق كل فريق لعمله.
وقال: وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ولم يقل ويدخل من يشاء في عذابه، للإيذان بأن الإدخال في العذاب، بسبب سوء اختيار الداخلين فيه .
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها، وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.