وسيط - Waseet   سورة  الأنفال الأية 33


سورة Sura   الأنفال   Al-Anfaal
وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا ۙ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31) وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)
الصفحة Page 180
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)

ثم تعقب السورة على هذا الدعاء الغريب الذي حكته عن مشركي مكة، فتبين الموجب لإمهالهم وعدم إجابة دعائهم فتقول: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ، وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ.

أى: وما كان الله مريدا لتعذيب هؤلاء الذين دعوا بهذا الدعاء الغريب تعذيب استئصال وإهلاك، وأنت مقيم فيهم- يا محمد- بمكة، فقد جرت سنته- سبحانه- ألا يهلك قرية مكذبة وفيها نبيها والمؤمنون به حتى يخرجهم منها ثم يعذب الكافرين.

واللام في قوله لِيُعَذِّبَهُمْ لتأكيد النفي، وللدلالة على أن تعذيبهم والرسول صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم غير مستقيم في الحكمة.

والمراد بالاستغفار في قوله: وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ استغفار من بقي بينهم من المؤمنين المستضعفين الذين لم يستطيعوا مغادرة مكة بعد أن هاجر منها النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون.

أى: ما كان الله مريدا لتعذيبهم وأنت فيهم- يا محمد- وما كان- أيضا- مريدا تعذيبهم وبين أظهرهم بمكة من المؤمنين المستضعفين من يستغفر الله، وهم الذين لم يستطيعوا مغادرتها واللحاق بك في المدينة.

قالوا: ويؤيد أن هذا هو المراد بالاستغفار قوله- تعالى- في آية أخرى: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً أى: لو تميز المؤمنون عن الكافرين لعذبنا الذين كفروا عذابا أليما.

وأسند- سبحانه- الاستغفار إلى ضمير الجميع، لوقوعه فيما بينهم، ولتنزيل ما صدر عن البعض منزلة ما صدر عن الكل. كما يقال: قتل أهل بلدة كذا فلانا والمراد بعضهم.

ويرى بعضهم أن المراد بالاستغفار المذكور: استغفار الكفرة أنفسهم كقولهم: غفرانك.

في طوافهم بالبيت، أو ما يشبه ذلك من معاني الاستغفار وكأن هذا البعض يرى أن مجرد طلب المغفرة منه- سبحانه- يكون مانعا من عذابه ولو كان هذا الطلب صادرا من الكفرة.

ويرجح ابن جرير أن المراد بقوله: وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ نفى الاستغفار عنهم فقد قال بعد أن ذكر بضعة آراء: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: تأويله وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم يا محمد، وبين أظهرهم مقيم، حتى أخرجك من بين أظهرهم، لأنى لا أهلك قرية وفيها نبيها، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون من ذنوبهم وكفرهم، ولكنهم لا يستغفرون من ذلك بل هم مصرون عليه، فهم للعذاب مستحقون ... » .

قال بعض المحققين: والقول الأول أبلغ لدلالته على أن استغفار الغير مما يدفع به العذاب عن أمثال هؤلاء الكفرة.

ثم قال: روى الترمذي عن أبى موسى الأشعرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل الله على أمانين لأمتى «وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ ... » الآية. فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة» .

قال ابن كثير: ويشهد لهذا ما رواه الإمام أحمد والحاكم وصححه عن أبى سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن إبليس قال لربه: بعزتك وجلالك لا أبرح أغوى بنى آدم ما دامت الأرواح فيهم. فقال الله- تعالى- فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفرونى» .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022