قوله تعالى : وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون نزلت في قوم أقروا بالله خالقهم وخالق الأشياء كلها ، وهم يعبدون الأوثان ; قاله الحسن ، ومجاهد وعامر والشعبي وأكثر المفسرين . وقال عكرمة هو قوله : ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ثم يصفونه بغير صفته ويجعلون له أندادا ; وعن الحسن أيضا : أنهم أهل كتاب معهم شرك وإيمان ، آمنوا بالله وكفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ; فلا يصح إيمانهم ; حكاه ابن الأنباري . وقال ابن عباس : نزلت في تلبية مشركي العرب : لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك . وعنه أيضا أنهم النصارى . وعنه أيضا أنهم المشبهة ، آمنوا مجملا وأشركوا مفصلا . وقيل : نزلت في المنافقين ; المعنى : وما يؤمن أكثرهم بالله أي باللسان إلا وهو كافر بقلبه ; ذكره الماوردي عن الحسن أيضا . وقال عطاء : هذا في الدعاء ; وذلك أن الكفار ينسون ربهم في الرخاء ، فإذا أصابهم البلاء أخلصوا في الدعاء ; بيانه : وظنوا أنهم أحيط بهم الآية . وقوله : وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه الآية . وفي آية أخرى : وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض . وقيل : معناها أنهم يدعون الله ينجيهم من الهلكة ، فإذا أنجاهم قال قائلهم : لولا فلان ما نجونا ، ولولا الكلب لدخل علينا اللص ، ونحو هذا ; فيجعلون نعمة الله منسوبة إلى فلان ، ووقايته منسوبة إلى الكلب .
قلت : وقد يقع في هذا القول والذي قبله كثير من عوام المسلمين ; ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وقيل : نزلت هذه الآية في قصة الدخان ; وذلك أن أهل مكة لما غشيهم الدخان في سني القحط قالوا : ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون فذلك إيمانهم ، وشركهم عودهم إلى الكفر بعد كشف العذاب ; بيانه قوله : إنكم عائدون والعود لا يكون إلا بعد ابتداء ; فيكون معنى : إلا وهم مشركون أي إلا وهم عائدون إلى الشرك ، والله أعلم .