تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  يوسف الأية 16


سورة Sura   يوسف   Yusuf
فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ (18) وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ ۖ قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ ۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)
الصفحة Page 237
وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16)

قوله تعالى : وجاءوا أباهم عشاء يبكون فيه مسألتان :

الأولى : قوله تعالى : وجاءوا أباهم عشاء أي ليلا ، وهو ظرف يكون في موضع الحال ; وإنما جاءوا عشاء ليكونوا أقدر على الاعتذار في الظلمة ، ولذا قيل : لا تطلب الحاجة بالليل ، فإن الحياء في العينين ، ولا تعتذر بالنهار من ذنب فتتلجلج في الاعتذار ; فروي أن يعقوب - عليه السلام - لما سمع بكاءهم قال : ما بكم ؟ أجرى في الغنم شيء ؟ قالوا : لا . قال : فأين يوسف ؟ قالوا : ذهبنا نستبق فأكله الذئب ، فبكى وصاح وقال : أين قميصه ؟ على ما يأتي بيانه إن شاء الله . وقال السدي وابن حبان : إنه لما قالوا أكله الذئب خر مغشيا عليه ، فأفاضوا عليه الماء فلم يتحرك ، ونادوه فلم يجب ; قال وهب : ولقد وضع يهوذا يده على مخارج نفس يعقوب فلم يحس بنفس ، ولم يتحرك له عرق ; فقال لهم يهوذا : ويل لنا من ديان يوم الدين ضيعنا أخانا ، وقتلنا أبانا ، فلم يفق يعقوب إلا ببرد السحر ، فأفاق ورأسه في حجر روبيل ; فقال : يا روبيل ألم أأتمنك على ولدي ؟ ألم أعهد إليك عهدا ؟ فقال : يا أبت كف عني بكاءك أخبرك ; فكف يعقوب بكاءه فقال : يا أبت إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب .

الثانية : قال علماؤنا : هذه الآية دليل على أن بكاء المرء لا يدل على صدق مقاله ، لاحتمال أن يكون تصنعا ; فمن الخلق من يقدر على ذلك ، ومنهم من لا يقدر . وقد قيل : إن الدمع المصنوع لا يخفى ; كما قال حكيم :

إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022