تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  يوسف الأية 30


سورة Sura   يوسف   Yusuf
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا ۚ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ ۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29) ۞ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (30)
الصفحة Page 238
۞ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (30)

قوله تعالى : وقال نسوة في المدينة ويقال : نسوة بضم النون ، وهي قراءة الأعمش والمفضل والسلمي ، والجمع الكثير نساء . ويجوز : وقالت نسوة ، وقال نسوة ، مثل قالت الأعراب وقال الأعراب ; وذلك أن القصة انتشرت في أهل مصر فتحدث النساء .

قيل : امرأة ساقي العزيز ، وامرأة خبازه ، وامرأة صاحب دوابه ، وامرأة صاحب سجنه . وقيل : امرأة الحاجب ; عن ابن عباس وغيره .

تراود فتاها عن نفسه الفتى في كلام العرب الشاب ، والمرأة فتاة . قد شغفها حبا قيل : شغفها غلبها . وقيل : دخل حبه في شغافها ; عن مجاهد . وغيره . وروى عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال : دخل تحت شغافها . وقال الحسن : الشغف باطن القلب . السدي وأبو عبيد : شغاف القلب غلافه ، وهو جلدة عليه . وقيل : هو وسط القلب ; والمعنى في هذه الأقوال متقارب ، والمعنى : وصل حبه إلى شغافها فغلب عليه ; قال النابغة :

وقد حال هم دون ذلك داخل دخول الشغاف تبتغيه الأصابع

وقد قيل : إن الشغاف داء ; وأنشد الأصمعي للراجز :

يتبعها وهي له شغاف

وقرأ أبو جعفر بن محمد وابن محيصن والحسن " شعفها " بالعين غير معجمة ; قال ابن الأعرابي : معناه أحرق حبه قلبها ; قال : وعلى الأول العمل . قال الجوهري : وشعفه الحب أحرق قلبه . وقال أبو زيد : أمرضه . وقد شعف بكذا فهو مشعوف . وقرأ الحسن " قد شعفها " قال : بطنها حبا . قال النحاس : معناه عند أكثر أهل اللغة قد ذهب بها كل مذهب ; لأن شعاف الجبال . أعاليها ; وقد شغف بذلك شغفا بإسكان الغين إذا أولع به ; إلا أن أبا عبيدة أنشد بيت امرئ القيس :

لتقتلني وقد شعفت فؤادها كما شعف المهنوءة الرجل الطالي

قال : فشبهت لوعة الحب وجواه بذلك . وروي عن الشعبي أنه قال : الشغف بالغين المعجمة حب ، والشعف بالعين غير المعجمة جنون . قال النحاس : وحكي " قد شغفها " بكسر الغين ، ولا يعرف في كلام العرب إلا " شغفها " بفتح الغين ، وكذا " شعفها " أي تركها مشعوفة . وقال سعيد بن أبي عروبة عن الحسن : الشغاف حجاب القلب ، والشعاف سويداء القلب ، فلو وصل الحب إلى الشعاف لماتت ; وقال الحسن : ويقال إن الشغاف الجلدة اللاصقة بالقلب التي لا ترى ، وهي الجلدة البيضاء ، فلصق حبه بقلبها كلصوق الجلدة بالقلب .

قوله تعالى : إنا لنراها في ضلال مبين أي في هذا الفعل .

وقال قتادة : فتاها وهو فتى زوجها ، لأن يوسف كان عندهم في حكم المماليك ، وكان ينفذ أمرها فيه . وقال مقاتل عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال : إن امرأة العزيز استوهبت زوجها يوسف فوهبه لها ، وقال : ما تصنعين به ؟ قالت : أتخذه ولدا ; قال : هو لك ; فربته حتى أيفع وفي نفسها منه ما في نفسها ، فكانت تنكشف له وتتزين وتدعوه من وجه اللطف فعصمه الله .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022