تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  يوسف الأية 32


سورة Sura   يوسف   Yusuf
فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ (35) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37)
الصفحة Page 239
قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32)

قوله تعالى : قالت فذلكن الذي لمتنني فيه لما رأت افتتانهن بيوسف أظهرت عذر نفسها بقولها : " لمتنني فيه " أي بحبه ، و ذلك بمعنى " هذا " وهو اختيار الطبري . وقيل : الهاء للحب ، و ذلك على بابه ، والمعنى : ذلكن الحب الذي لمتنني فيه ، أي حب هذا هو ذلك الحب . واللوم الوصف بالقبيح .

ثم أقرت وقالت : ولقد راودته عن نفسه فاستعصم أي امتنع . وسميت العصمة عصمة لأنها تمنع من ارتكاب المعصية . وقيل : استعصم أي استعصى ، والمعنى واحد .

ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن عاودته المراودة بمحضر منهن ، وهتكت جلباب الحياء ، ووعدت بالسجن إن لم يفعل ، وإنما فعلت هذا حين لم تخش لوما ولا مقالا خلاف أول أمرها إذ كان ذلك بينه وبينها .

وليكونا من الصاغرين أي الأذلاء . وخط المصحف " وليكونا " بالألف وتقرأ بنون مخففة للتأكيد ; ونون التأكيد تثقل وتخفف والوقف على قوله : ليسجنن بالنون لأنها مثقلة ، وعلى ليكونا بالألف لأنها مخففة ، وهي تشبه نون الإعراب في قولك : رأيت رجلا وزيدا وعمرا ، ومثله قوله : لنسفعا بالناصية ونحوها الوقف عليها بالألف ، كقول الأعشى :

ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا

أي أراد فاعبدا ، فلما وقف عليه كان الوقف بالألف .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022