قوله تعالى : قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون
قوله تعالى : قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف أي قال له ولده : تالله تفتأ تذكر يوسف قال الكسائي : فتأت وفتئت أفعل ذلك أي ما زلت . وزعم الفراء أن " لا " مضمرة ; أي لا تفتأ ، وأنشد :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
أي لا أبرح ; قال النحاس : والذي قال حسن صحيح . وزعم الخليل وسيبويه أن " لا " تضمر في القسم ، لأنه ليس فيه إشكال ; ولو كان واجبا لكان باللام والنون ; وإنما قالوا له ذلك لأنهم علموا باليقين أنه يداوم على ذلك ; يقال : ما زال يفعل كذا ، وما فتئ وفتأ فهما لغتان ، ولا يستعملان إلا مع الجحد قال الشاعر :
فما فتئت حتى كأن غبارها سرادق يوم ذي رياح ترفع
أي ما برحت فتفتأ تبرح . وقال ابن عباس : تزال .
حتى تكون حرضا أي تالفا . وقال ابن عباس ومجاهد : دنفا من المرض ، وهو ما دون الموت ; قال الشاعر :
سرى همي فأمرضني وقدما زادني مرضا
كذاك الحب قبل اليو م مما يورث الحرضا
وقال قتادة : هرما . الضحاك : باليا داثرا . محمد بن إسحاق : فاسدا لا عقل لك . الفراء : الحارض الفاسد الجسم والعقل ; وكذا الحرض . ابن زيد : الحرض الذي قد رد إلى أرذل العمر . الربيع بن أنس : يابس الجلد على العظم . المؤرج : ذائبا من الهم . وقال الأخفش : ذاهبا . ابن الأنباري : هالكا ، وكلها متقاربة . وأصل الحرض الفساد في الجسم أو العقل من الحزن أو العشق أو الهرم ، عن أبي عبيدة وغيره ; وقال العرجي :
إني امرؤ لج بي حب فأحرضني حتى بليت وحتى شفني السقم
قال النحاس : يقال حرض حرضا وحرض حروضا وحروضة إذا بلي وسقم ، ورجل حارض وحرض ; إلا أن حرضا لا يثنى ولا يجمع ، ومثله قمن وحري لا يثنيان ولا يجمعان . الثعلبي : ومن العرب من يقول حارض للمذكر ، والمؤنثة حارضة ; فإذا وصف بهذا اللفظ ثنى وجمع وأنث . ويقال : حرض يحرض حراضة فهو حريض وحرض . ويقال : رجل محرض ، وينشد :
طلبته الخيل يوما كاملا ولو ألفته لأضحى محرضا
وقال امرؤ القيس :
أرى المرء ذا الأذواد يصبح محرضا كإحراض بكر في الديار مريض
قال النحاس : وحكى أهل اللغة أحرضه الهم إذا أسقمه ، ورجل حارض أي أحمق . وقرأ أنس : " حرضا " بضم الحاء وسكون الراء ، أي مثل عود الأشنان . وقرأ الحسن بضم الحاء والراء . قال الجوهري : الحرض والحرض الأشنان .
أو تكون من الهالكين أي الميتين ، وهو قول الجميع ; وغرضهم منع يعقوب من البكاء والحزن شفقة عليه ، وإن كانوا السبب في ذلك .