قوله تعالى : ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون
قوله عز و جل : ألا إنهم هم المفسدون ردا عليهم وتكذيبا لقولهم . قال أرباب المعاني : من أظهر الدعوى كذب ، ألا ترى أن الله عز وجل يقول : ألا إنهم هم المفسدون وهذا صحيح . وكسرت ( إن ) لأنها مبتدأة ، قاله النحاس . وقال علي بن سليمان . يجوز فتحها ، كما أجاز سيبويه : حقا أنك منطلق ، بمعنى ألا . و هم يجوز أن يكون مبتدأ و ( المفسدون ) خبره والمبتدأ وخبره خبر ( إن ) . ويجوز أن تكون ( هم ) توكيدا للهاء والميم في ( إنهم ) . ويجوز أن تكون فاصلة - والكوفيون يقولون عمادا - و ( المفسدون ) خبر إن ، والتقدير ألا إنهم المفسدون ، كما تقدم في قوله : وأولئك هم المفلحون .
قوله تعالى : ولكن لا يشعرون قال ابن كيسان يقال : ما على من لم يعلم أنه مفسد من الذم ، إنما يذم إذا علم أنه مفسد ثم أفسد على علم ، قال : ففيه جوابان : أحدهما - أنهم كانوا يعملون الفساد سرا ويظهرون الصلاح وهم لا يشعرون أن أمرهم يظهر عند النبي صلى الله عليه وسلم . والوجه الآخر : أن يكون فسادهم عندهم صلاحا وهم لا يشعرون أن ذلك فساد ، وقد عصوا الله ورسوله في تركهم تبيين الحق واتباعه ( ولكن ) حرف تأكيد واستدراك ولا بد فيه من نفي وإثبات ، إن كان قبله نفي كان بعده إيجاب ، وإن كان قبله إيجاب كان بعده نفي . ولا يجوز الاقتصار بعده على اسم واحد إذا تقدم الإيجاب ، ولكنك تذكر جملة مضادة لما قبلها كما في هذه الآية ، وقولك : جاءني زيد لكن عمرو لم يجئ ، ولا يجوز جاءني زيد لكن عمرو ثم تسكت ; لأنهم قد استغنوا ببل في مثل هذا الموضع عن لكن ، وإنما يجوز ذلك إذا تقدم النفي كقولك : ما جاءني زيد لكن عمرو .