تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  آل عمران الأية 113


سورة Sura   آل عمران   Aal-Imran
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109) كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (112) ۞ لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)
الصفحة Page 64
۞ لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)

ثم أخبر فقال ليسوا سواء تم الكلام . والمعنى : ليس أهل الكتاب وأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - سواء ; عن ابن مسعود . وقيل : المعنى ليس المؤمنون والكافرون من أهل الكتاب سواء . وذكر أبو خيثمة زهير بن حرب حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا شيبان عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال : أخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال : إنه ليس من أهل الأديان أحد يذكر الله تعالى في هذه الساعة غيركم قال : وأنزلت هذه الآية ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة إلى قوله : والله عليم بالمتقين وروى ابن وهب مثله . وقال ابن عباس : قول الله عز وجل من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون من آمن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال ابن إسحاق عن ابن عباس لما أسلم عبد الله بن سلام ، وثعلبة بن سعية ، وأسيد بن سعية ، وأسيد بن عبيد ، ومن أسلم من يهود ; فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام ورسخوا فيه ، قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم : ما آمن بمحمد ولا تبعه إلا شرارنا ، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره ; فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون . إلى قوله : وأولئك من الصالحين . وقال الأخفش : التقدير من أهل الكتاب ذو أمة ، أي ذو طريقة حسنة . وأنشد :

وهل يأممن ذو أمة وهو طائع

وقيل : في الكلام حذف ; والتقدير من أهل الكتاب أمة قائمة وأخرى غير قائمة ، فترك الأخرى اكتفاء بالأولى ; كقول أبي ذؤيب :

عصاني إليها القلب إني لأمره مطيع فما أدري أرشد طلابها

أراد : أرشد أم غي ، فحذف . قال الفراء : أمة رفع ب سواء ، والتقدير : ليس يستوي أمة من أهل الكتاب قائمة يتلون آيات الله وأمة كافرة . قال النحاس : هذا قول خطأ من جهات : إحداها أنه يرفع ( أمة ) ب ( سواء ) فلا يعود على اسم ليس بشيء ، ويرفع بما ليس جاريا على الفعل ويضمر ما لا يحتاج إليه ; لأنه قد تقدم ذكر الكافر فليس لإضمار هذا وجه . وقال أبو عبيدة : هذا مثل قولهم : أكلوني البراغيث ، وذهبوا أصحابك . قال النحاس : وهذا غلط ; لأنه قد تقدم ذكرهم ، وأكلوني البراغيث لم يتقدم لهم ذكر . و آناء الليل ساعاته . وأحدها إنى وأنى وإني ، وهو منصوب على الظرف . و يسجدون يصلون ; عن الفراء والزجاج ; لأن التلاوة لا تكون في الركوع والسجود . نظيره قوله : وله يسجدون أي يصلون . وفي ( الفرقان ) : وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن وفي النجم فاسجدوا لله واعبدوا " . وقيل : يراد به السجود المعروف خاصة . وسبب النزول يرده ، وأن المراد صلاة العتمة كما ذكرنا عن ابن مسعود ; فعبدة الأوثان ناموا حيث جن عليهم الليل ، والموحدون قيام بين يدي الله تعالى في صلاة العشاء يتلون آيات الله ; ألا ترى لما ذكر قيامهم قال وهم يسجدون أي مع القيام أيضا . الثوري : هي الصلاة بين العشاءين . وقيل : هي في قيام الليل . وعن رجل من بني شيبة كان يدرس الكتب قال : إنا نجد كلاما من كلام الرب عز وجل : أيحسب راعي إبل أو راعي غنم إذا جنه الليل انخذل كمن هو قائم وساجد آناء الليل .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022