قوله تعالى : قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء
قيل : الرب هنا جبريل ، أي قال لجبريل : رب - أي يا سيدي - أنى يكون لي غلام ؟ يعني ولدا ; وهذا قول الكلبي . وقال بعضهم : قوله ( رب ) يعني الله تعالى . أنى بمعنى كيف ، وهو في موضع نصب على الظرف . وفي معنى هذا الاستفهام وجهان : أحدهما أنه سأل هل يكون له الولد وهو وامرأته على حاليهما أو يردان إلى حال من يلد ؟ . الثاني سأل هل يرزق الولد من امرأته العاقر أو من غيرها . وقيل : المعنى بأي منزلة أستوجب هذا وأنا وامرأتي على هذه الحال ; على وجه التواضع . ويروى أنه كان بين دعائه والوقت الذي بشر فيه أربعون سنة ، وكان يوم بشر ابن تسعين سنة وامرأته قريبة السن منه . وقال ابن عباس والضحاك : كان يوم بشر ابن عشرين ومائة سنة وكانت امرأته بنت ثمان وتسعين سنة ; فذلك قوله وامرأتي عاقر أي عقيم لا تلد . يقال : رجل عاقر وامرأة عاقر بينة العقر . وقد عقرت وعقر ( بضم القاف فيهما ) تعقر عقرا صارت عاقرا ، مثل حسنت تحسن حسنا ; عن أبي زيد . وعقارة أيضا . وأسماء الفاعلين من فعل فعيلة ، يقال : عظمت فهي عظيمة ، وظرفت فهي ظريفة . وإنما قيل عاقر لأنه يراد به ذات عقر على النسب ، ولو كان على الفعل لقال : عقرت فهي عقيرة كأن بها عقرا ، أي كبرا من السن يمنعها من الولد . والعاقر : العظيم من الرمل لا ينبت شيئا . والعقر أيضا مهر المرأة إذا وطئت على شبهة . وبيضة العقر : زعموا هي بيضة الديك ; لأنه يبيض في عمره بيضة واحدة إلى الطول . وعقر النار أيضا وسطها ومعظمها . وعقر الحوض : مؤخره حيث تقف الإبل إذا وردت ; يقال : عقر وعقر مثل عسر وعسر ، والجمع الأعقار فهو لفظ مشترك
والكاف في قوله كذلك في موضع نصب ، أي يفعل الله ما يشاء مثل ذلك . والغلام مشتق من الغلمة وهو شدة طلب النكاح . واغتلم الفحل غلمة هاج من شهوة الضراب . وقالت ليلى الأخيلية :
شفاها من الداء العضال الذي بها غلام إذا هز القناة سقاها
والغلام الطار الشاب . وهو بين الغلومة والغلومية ، والجمع الغلمة والغلمان . ويقال : إن الغيلم الشاب والجارية أيضا . والغيلم : ذكر السلحفاة . والغيلم : موضع . واغتلم البحر : هاج وتلاطمت أمواجه .