قوله تعالى : إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما .
فيه مسألتان :
الأولى : روى الترمذي عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : ما أرى كل شيء إلا للرجال ، وما أرى النساء يذكرن بشيء ! فنزلت هذه الآية : إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الآية . هذا حديث حسن غريب . و ( المسلمين ) اسم إن . ( والمسلمات ) عطف عليه . ويجوز رفعهن عند البصريين ، فأما الفراء فلا يجوز عنده إلا فيما لا يتبين فيه الإعراب .
الثانية : بدأ تعالى في هذه الآية بذكر الإسلام الذي يعم الإيمان وعمل الجوارح ، ثم ذكر الإيمان تخصيصا له وتنبيها على أنه عظم الإسلام ودعامته . والقانت : العابد المطيع . والصادق : معناه فيما عوهد عليه أن يفي به . والصابر عن الشهوات وعلى الطاعات في المكره والمنشط . والخاشع : الخائف لله . والمتصدق بالفرض والنفل . وقيل . بالفرض خاصة ، والأول أمدح . والصائم كذلك . والحافظين فروجهم والحافظات أي عما لا يحل من الزنى وغيره . وفي قوله : ( والحافظات ) حذف يدل عليه المتقدم ، تقديره : والحافظاتها ، فاكتفي بما تقدم . وفي ( الذاكرات ) أيضا مثله ، ونظيره قول الشاعر :
وكمتا مدماة كأن متونها جرى فوقها واستشعرت لون مذهب
وروى سيبويه : لون مذهب بالنصب . وإنما يجوز الرفع على حذف الهاء ، كأنه قال : واستشعرته ، فيمن رفع لونا . والذاكر قيل في أدبار الصلوات وغدوا وعشيا ، وفي المضاجع وعند الانتباه من النوم . وقد تقدم هذا كله مفصلا في مواضعه ، وما يترتب عليه من الفوائد والأحكام ، فأغنى عن الإعادة . والحمد لله رب العالمين . قال مجاهد : لا يكون ذاكرا لله تعالى كثيرا حتى يذكره قائما وجالسا ومضطجعا . وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : من أيقظ أهله بالليل وصليا أربع ركعات كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات .