ثم بين- سبحانه- ما يقوله المجرمون عند ما يبعثون من قبورهم للحساب فقال:
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ.
والمراد بالساعة: يوم القيامة، وسميت بذلك لأنها تقوم في آخر ساعة من عمر الدنيا، أو لأنها تقع بغتة، والمراد بقيامها: حصولها ووجودها، وقيام الخلائق في ذلك الوقت للحساب أى: وحين تقوم الساعة ويرى المجرمون أنفسهم وقد خرجوا من قبورهم للحساب بسرعة ودهشة، يقسمون بأنهم ما لبثوا في قبورهم أو في دنياهم، غير وقت قليل من الزمان.
قال ابن كثير: يخبر الله- تعالى- عن جهل الكفار في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا فعلوا ما فعلوا من عبادة الأصنام، وفي الآخرة يكون منهم جهل عظيم- أيضا- فمنه إقسامهم بالله أنهم ما لبثوا في الدنيا إلا ساعة واحدة. ومقصودهم بذلك عدم قيام الحجة عليهم، وأنهم لم ينظروا حتى يعذر إليهم .
وقوله: كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ تذييل قصد به بيان ما جبلوا عليه من كذب.
ويؤفكون من الإفك بمعنى الكذب. يقال: أفك الرجل، إذا صرف عن الخير والصدق أى: مثل هذا الكذب الذي تفوهوا به في الآخرة كانوا يفعلون في الدنيا، فهم في الدارين لا ينفكون عن الكذب وعن اختلاق الباطل.