ثم أضاف- سبحانه- إلى هذا التثبيت لنبيه صلّى الله عليه وسلّم تثبيتا آخر فقال: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ.
والمقصود من الآية الكريمة بيان أن الرسل جميعا، قد دعوا أقوامهم إلى عبادة الله- تعالى- وحده، كما قال- سبحانه-: وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ، فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ .
كما قال- تعالى-: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ .
قال صاحب الكشاف ما ملخصه: ليس المراد بسؤال الرسل حقيقة السؤال لاستحالته، ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم، وأنهم ما جاءوا قط بعبادة الأوثان، وإنما جاءوا بالأمر بعبادة الله- تعالى- وحده..
وقيل: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم جمع الله له الأنبياء، في ليلة الإسراء في بيت المقدس، فصلى بهم إماما، وقيل له سلهم: فلم يتشكك ولم يسأل.
وقيل معناه، سل أمم من أرسلنا من قبلك، وهم أهل الكتابين: التوراة والإنجيل فإذا سألهم فكأنما سأل- رسلهم- فالكلام على حذف مضاف .
فالآية الكريمة تقرر على كل الوجوه بأبلغ أسلوب، أن جميع الرسل قد جاءوا بعقيدة واحدة، وبدين واحد، هو عبادة الله- تعالى- ونبذ كل معبود سواه.
ثم تمضى السورة الكريمة في تسليتها للرسول صلّى الله عليه وسلّم وفي تثبيتها للمؤمنين، فتذكر جانبا من قصة موسى- عليه السلام مع فرعون، وكيف أن فرعون سخر من دعوة موسى- عليه السلام- وتباهي على قومه بذلك، وكيف أنه استخف بهم فأطاعوه، فكانت عاقبته وعاقبتهم أن أغرقهم الله جميعا. قال- تعالى-: